حسن مندو Admin
المساهمات : 115 تاريخ التسجيل : 18/02/2009 العمر : 55
| موضوع: مشكلتنا العائليه واسبابها الثلاثاء يناير 26, 2010 5:46 am | |
| ما أعتقد أن في الحياة سعادة تفوق سعادة الإنسان في بيته، ولا شقاء يعدل شقاءه مع أهله.. فمن كان في بيته سعيداً عاش مع الناس سعيداً، ومن كان في بيته منغصاً يفقد الهدوء النفسي عاش مع الناس سيئ الخلق متبرماً بهم، ضيق الصدر في معاملتهم.. وإذا كان الغربيون يقولون في أعقاب كل جريمة "فتش عن المرأة" فإن من الواجب أن نقول في أعقاب كل مشكلة اجتماعية وكل انحراف خلقي "فتش عن البيت" والمشكلات التي تنشأ عن اضطراب الحياة الزوجية كثيرة، وكم أدت إلى جرائم اجتماعية كبرى.. وليس اضطراب الحياة الزوجية مقصوراً على بيئة معينة ، ففي الأوساط الغنية المترفة قد تفقد السعادة الزوجية كما في الأوساط الجاهلة ، وفي البيئات المتدينة المحافظة قد تقع الخصومات العائلية كما تقع في البيئات المتحللة.. وهو في الغرب كما في الشرق، وعند المتمدنين كما عند المتأخرين ..
إنها مشكلة المجتمعات الإنسانية في كل عصر.. غير أن هذه المشكلة تبدو واضحة الأثر كثيرة الظهور في البيئات التي ضعف فيها وازع الدين والخلق.
وأقصد بالدين الدين النير العميق في النفس، لا الدين السطحي الذي يعتمد على المظاهر والشعارات، فكثيراً ما رأينا بعض المتدينين من أسوأ الناس معاملةلأزواجهم لأن الدين لم يكن عندهم ضابطاً مسيطراً على الأهواء والنزعات، وإنما هو طقوس باهتة لا تسمو بروح، ولا تزكي نفساً.. والأسباب التي تنشأ عنها المشاكل العائلية كثيرة متعددة سنقتصر على أكثرها انتشاراً ووقوعاً.
فمن ذلك :
1- تحكيم العاطفة أو المصلحة المادية عند اختيار الزوج أو الزوجة ، فكثيراً ما ينشأ الزواج عن حب عاطفي مشبوب لا يلبث أن يفتر بعد الزواج بأشهر قلائل، وما يلبث أن يكتشف الزوجان أن بينهما بوناً شاسعاً في الأخلاق أو المزاج أو الثقافة أو الميول.. وكثيراً ما ينشأ الزواج عن الإعجاب بالجمال في الزوج أو الزوجة، يعجب الشاب بجمال فتاة، فيطلب إلى أهله أن يخطبوها له، ثم سرعان ما ينكشف له الجمال الجسمي عن قبح نفسي ودمامة خلقية . وقد تعجب الفتاة بشاب وسيم الطلعة فتسرع إلى إجابة طلبه، ثم يشتد بها الأسى حين تكتشف فيه خلقاً سيئاً أو طبعاً دنيئاً.. وكثيراً ما ينشأ الزواج عن طمع في الثروة.. فهذا خاطب ذو وظيفة أو دخل كبير أو غني كبير.. وكثيراً ما يكون مع الغني المفرط الفساد المتلف، وأقبح ما يكون الزواج في مثل هذه الحالة أن تزف الفتاة وهي لم تبلغ العشرين إلى الشيخ العجوز الذي جاوز الستين !! وما يحدو بأهل الفتاة إلى تزويج فتاتهم منه إلا الطمع في ثروته الكبيرة أو أراضيه الواسعة.. وما يدري هؤلاء أنهم جنوا على فتاتهم جناية أبشع من القتل، فالقتيل يذوق مرارة الموت لحظات ثم يرتاح.. وهذه الفتاة المسكينة تذوق مرارة الشقاء كل لحظة.. إن الله شرع الزواج لسكن النفس، فكيف تسكن نفس الفتاة في أول تفتحها للحياة إلى نفس ودعت الحياة واستقبلت الموت.
2- سوء فهم كل من الزوجين لطباع الآخر فقد يكون الزوج حاد المزاح ، شديد الإحساس يتأثر لأقل الأشياء التي يراها مخالفة لذوقه ، فلا تراعي زوجه فيه هذا.. فتضحك وهو غضبان ، وتعرض عنه وهو يوجه إليها الخطاب ، ويتكلم الكلمة فتجيبه عليها بعشر كلمات. فما هي إلا العاصفة وينفجر البركان.. وقد تعجب الزوجة باللون الأحمر من الثياب فيجبرها الزوج على أن تلبس الأبيض مثلاً ، وقد تحب شرب اللبن وهو لا يميل إليه ، فيجبرها على أن تترك ما تميل إليه إلى ما يميل هو إليه.. فما تلبث الزوجة أن تشعر بالانقباض ، ثم ينقلب الانقباض إلى تبرم ، ثم يؤدي التبرم إلى النزاع لأقل سبب .
3- عدم تقدير الزوجة لأعباء زوجها وواجباته الاجتماعية ، فقد يكون الزوج سياسياً من واجبه أن يجتمع إلى الناس ويستقبلهم.. وقد يكون عالماً أو أستاذاً من واجبه أن يقرأ ويكتب، فتضيق زوجه بالاجتماعات العامة، وتتبرم من قراءاته وكتاباته، بل تتبرم من كتبه وتتأفف منه حين تراه يدخل البيت وفي يده كتاب جديد.. ولقد كانت زوجة الإمام الزهري تتبرم منه حين تراه منكباً على كتبه وتقول له : "والله لهذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر". ولئن كان من حق الزوجة أن يخصص لها وقتاً ليؤنسها ويأنس بها، فليس من حقها أن تنكر عليه تفرغه لواجبه الاجتماعي أو العلمي، أو أن تظهر السخط على عمل يرتاح إليه ضميره وتطمئن إليه نفسه.
4- تدخل الزوج في الشؤون البيتية أكثر مما ينبغي ، وكم من رجل فارغ من العمل يقف مع زوجته في المطبخ فيقول لها: الماء الذي وضعتيه قليل.. أكثري من الملح.. خففي النار.. حركي الطعام.. وهكذا تضيق زوجته بفضوله، فما تلبث يوماً بعد يوم أن تنفجر وتثور.. وإذا كان من حق الزوج أن يبدي رغبته في الطعام الذي يأكله فليس من حقه أن ينصب نفسه طاهياً يعلم امرأته أصول الطهي كل يوم..
5- عدم مراعاة الزوجة لأوضاع زوجها المالية .. فهي تريد أن تلبس كما تلبس صديقتها تلك، وتريد أن تستكثر من الزينة أو أثاث البيت كما استكثر فلان من أثاث بيته وزينته.. دون أن تلحظ الفرق بين ثروة زوجها وزوج صديقتها أو جارتها.. وما أكثر المناسبات عندنا لشراء الثياب.. فكلما تزوج قريب للمرأة وجب أن تخيط لعرسه ثوباً جديداً تلبسه فيه ، وكلما تغيرت الأزياء وجب أن تتغير الثياب .. وهكذا يرهق الزوج في ميزانيته ، ويضطر إلى أحد أمرين : إما أن يستدين ويرهق نفسه نزولاً عند رغبة زوجته، وإما أن يتحمل الخصام والخلاف بينه وبينها ليحافظ على ميزانيته وكرامته بين الناس..
وأنا لا أنكر أن بعض الأزواج يبخلون بالإنفاق على زوجاتهم مع القدرة.. ولست أتكلم على مثل هؤلاء، فقد أعطى الإسلام الحق للمرأة التي يمتنع زوجها عن الإنفاق عليها بما تحتاج إليه من ثياب وطعام يليق بها وهو قادر على ذلك أن تأخذ من ماله بغير إذنه ، فقد جاءت امرأة أبي سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو إليه زوجها وتقول له : ( إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وأولادي ) ، فقال لها صلى الله عليه وسلم : [ خذي من مال زوجك ما يكفيك وولدَك بالمعروف ] [رواه البخاري ومسلم ]
| |
|