حسن مندو Admin
المساهمات : 115 تاريخ التسجيل : 18/02/2009 العمر : 55
| موضوع: لو جاءت البتول الأحد يناير 24, 2010 4:52 pm | |
| بعد حدث داغستان العجيب – ظهورات متعاقبة للسيدة مريم العذراء رضي الله عنها ، ووراء النور المزعوم ووراء الوهم.. يركض عشرات الآلاف من الوراق إلى شبرا إلى المرج إلى .. الخ الخ ! البسطاء من المسلمين والمسيحيين في كل مكان من العالم يريدون مسكنا لآلامهم.. ودواءً لأوجاعهم.. وعلاجاً لأمراضهم.. وحلاً سريعاً جاهزاً لمشكلاتهم المستعصية. لا يستطيع أحد المزايدة على المسلمين في إيمانهم وتوقيرهم للسيدة مريم العذراء وإنزالها منزلتها اللائقة بها . نحن فقط نرصد حالة عجيبة ومؤسفة من التذبذب وضعف الإيمان وانعدام الثقة والعودة إلى ما قبل نزول الرسالة من عند الله.. عندما يسأل الناس المعجزة والآية والدليل من المسيح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام : " يا معلم نريد أن نرى منك آية" !! فماذا أجابهم المسيح عليه السلام – إنجيل متى :- "جيل شرير وفاسق يطلب آية"! ولما طلبت المعجزة من الرسول الخاتم (صلى الله عليه وسلم) "وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ " (العنكبوت). اندهش الرسول (صلى الله عليه وسلم).. فالرسول نفسه أمام أعينهم وبين أيديهم معجزة تمشى على الأرض.. وكلام الله الذي يتلوه عليهم معجزة أخرى.. فماذا يريدون أكثر من ذلك.. ولذلك كان الرد من عند الله: " قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ " (الأنعام). "قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ " (العنكبوت). "أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " (العنكبوت). نحن لا نحتاج اليوم لرضيع صغير تظهر على ساقه آيات القرآن لنتأكد من صدق وصحة ما نؤمن به.. والقرآن بين أيدينا هو في ذاته المعجزة والآية التي ليس بعدها آية: "بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ " (العنكبوت). " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ " (الروم). "قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً " (الإسراء).
المؤسف حقاً هو اشتراك رجال دين كبار في لعبة تغييب الناس عن وعيهم وتغمية أعينهم وتخديرهم بالأوهام ودفسهم في أوحال الخرافة في القرن الواحد والعشرين.. حيث تأتينا الأخبار كل ساعة من دول تقطنها شعوب يقظة تقدس العقل والعلم والعمل بخبر اختراع جديد وخبر انجاز جديد في مجالات الطاقة والالكترونيات والفضاء والطب والصناعة.. الخ . ونحن هنا نجتمع بعشرات الآلاف ويزيد.. لنشاهد في بلادنا آيات القرآن على ساق وليد.. ونركض وراء ظهورات العذراء بين أبراج الكنائس !
[b]أرى أننا نرتكب جريمة أخرى في حق البسطاء.. عندما نضحك على عقولهم الصغيرة . وبدلا من تنشيط أذهانهم.. وشحذ هممهم.. وتحفيزهم على اليقظة.. والعلم والعمل والنشاط والجد .. بدلا من تثبيت أقدامهم في واقع الأحداث والتحديات لإنقاذ الأوطان والنهوض بها.. نهبط بهم في تيه الخرافة ونحقنهم بإبر الأوهام ، ونقدم لهم الحلول السهلة الجاهزة المعلبة.. حيث معجزات وكرامات وظهورات القديسين والأولياء. فماذا عساها تقول العذراء – لو ظهرت - ؟ ماذا عساها تقول لو اطلعت على أحوالنا وواقعنا ؟ القضية ليست فقط قضية ظهور أنوار مصطنعة خدعت البسطاء بين أبراج الكنائس.. وليست فقط قضية أزمة تحياها الكنيسة المصرية وخلافات مذهبية.. وليست قضية سباق بين المسيحية والإسلام في مصر من جهة.. ومن جهة أخرى بين الطوائف المسيحية . القضية الحقيقية هي أننا في مصر – مسلمين ومسيحيين – نعيش حالة من الإفلاس الفكري والكسل الإبداعي والخمول العلمي.. وهذا جعل بعض رجال الدين يستخفون بعقولنا ويلعبون بإيماننا ويستغلون حبنا وتوقيرنا لرموزنا أسوأ استغلال . ووصل بنا الحال اليوم إلى أننا تركنا ميدان النهضة والرقى والتقدم.. ووقفنا ننتظر تجلى العذراء في أحياء القاهرة.. ونضع آمالنا على ساق رضيع في داغستان . فماذا عساها تفعل لنا العذراء ، لو ظهرت حقا ً في القرن الواحد والعشرين وشاهدتنا واطلعت على أحوالنا البائسة ؟ هل تراها ستمنحنا بركتها ونحن متخلفون ؟ هل ستمنحنا البركة ونحن تائهون بين الأمم ؟ وقلوبنا مملوءة حقدا ً وكراهية لبعضنا البعض ؟ وأيدينا ملطخة بالدماء ؟ وأعود لأقول: أن ما يحدث ليس ذنب البسطاء المخدوعين ، لكنه – كما يخبر المبدع الكبير يحيى حقي في رائعته قنديل أم هاشم عن حال إسماعيل بطل الرواية :- " كلما قوى حبه لمصر زاد ضجره من المصريين.. ولكنهم أهله وعشيرته.. والذنب ليس ذنبهم.. هم ضحية الجهل والفقر والمرض والظلم الطويل " [/b] | |
|